كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ لِنَحْوِ وَصِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ لَهُ) أَيْ لِلْقِنِّ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ.
(قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ هَذَا) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْجَدِيدُ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَنَّ الرَّقِيقَ إلَخْ لَا يُورَثُ بَيَانٌ لِمَا فِي الْأَصْلِ.
(قَوْلُهُ أَيْ إلَّا فِي صُورَةِ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ فَقَدْرُ الدِّيَةِ إلَخْ) أَيْ دِيَةِ الْجُرْحِ لَا دِيَةِ النَّفْسِ وَإِطْلَاقُ الدِّيَةِ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ التَّوَسُّعِ عَزِيزِيٌّ وَعَنَانِيٌّ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ قُدِّرَ الْأَرْشُ مِنْ قِيمَتِهِ لِوَرَثَتِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُجَابُ إلَخْ) أَيْ عَنْ إيرَادِ هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى مَفْهُومِ الْمَتْنِ وَمَنْطُوقِ أَصْلِهِ.
(قَوْلُهُ إنَّمَا أَخَذُوهَا) أَيْ الْوَرَثَةُ الدِّيَةَ.
(قَوْلُهُ جِنَايَتُهَا) أَيْ الدِّيَةِ وَالْإِضَافَةُ فِيهِ مِنْ إضَافَةِ السَّبَبِ إلَى الْمُسَبَّبِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لِاسْتِقْرَارِهَا بِمَا قَبْلَ الرِّقِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ بِالنَّظَرِ لِكَوْنِهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ.
(وَلَا) يَرِثُ (قَاتِلٌ) بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ كَالْقَاضِي يَحْكُمُ بِهِ مِنْ مَقْتُولِهِ شَيْئًا كَأَنْ حَفَرَ بِئْرًا بِدَارِهِ فَوَقَعَ بِهَا مُوَرِّثُهُ لِأَخْبَارٍ فِيهِ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا وَإِنْ لَمْ تَخْلُ مِنْ ضَعْفٍ نَعَمْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي بَعْضِهَا لَيْسَ لِلْقَاتِلِ مِنْ مَقْتُولِهِ شَيْءٌ إنَّهُ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ قِيلَ وَتَطَابَقَتْ عَلَيْهِ الْمِلَلُ السَّابِقَةُ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَاسْتَعْجَلَ الْوَرَثَةُ قَتْلَهُ فَيُؤَدِّي إلَى خَرَابِ الْعَالَمِ فَاقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ مَنْعَ إرْثِهِ مُطْلَقًا نَظَرًا لِمَظِنَّةِ الِاسْتِعْجَالِ أَيْ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ مَاتَ بِأَجَلِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَيَرِثُ الْمُفْتِي بِقَتْلِهِ وَرَاوِي خَبَرٍ مَوْضُوعٍ بِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِمَا بِوَجْهٍ؛ لِأَنَّ مَا صَدَرَ عَنْهُمَا لَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ حَتَّى يَقْصِدَ بِهِ بِخِلَافِ حُكْمِ الْحَاكِمِ (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَضْمَنْ وَرِثَ)؛ لِأَنَّهُ قُتِلَ بِحَقٍّ وَيَرُدُّهُ أَنَّ الْمَعْنَى إذَا لَمْ يَنْضَبِطْ أُنِيطَ الْحُكْمُ بِوَصْفٍ أَعَمَّ مِنْهُ مُشْتَمِلٍ عَلَيْهِ مُنْضَبِطٌ غَالِبًا كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ وَقَصْدِ الِاسْتِعْجَالِ هُنَا وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ كَادَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرِيًّا مَحْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيُضْمَنُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْقَاتِلُ خَطَأً فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ تَضْمَنُهُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُمْ ابْتِدَاءً، وَقَدْ يَرِثُ الْمَقْتُولُ قَاتِلَهُ كَأَنْ يَجْرَحَهُ، ثُمَّ يَمُوتَ هُوَ قَبْلَهُ وَمِنْ الْمَوَانِعِ الدَّوْرُ الْحُكْمِيُّ كَمَا مَرَّ آخِرَ الْإِقْرَارِ وَكَوْنُ الْمَيِّتِ نَبِيًّا «قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ مُعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ» وَيُحْتَاجُ لِذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ.
(تَنْبِيهَاتٌ):
مِنْهَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا تَقْيِيدُ مَا ذُكِرَ فِي الْحَفْرِ بِالْعُدْوَانِ فَمَنْ قَتَلَ مُورَثَهُ بِبِئْرٍ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ يَرِثُهُ وَكَذَا وَضْعُ الْحَجَرِ وَنَصْبُ الْمِيزَابِ وَبِنَاءُ حَائِطٍ وَقَعَ عَلَيْهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ سُرَيْجٍ فَإِنَّهُ لَمَّا نَقَلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ كَنِيفًا أَوْ مِيزَابًا أَوْ ظُلَّةً أَوْ تَطَهَّرَ بِمَاءٍ أَوْ صَبَّ مَاءً فِي الطَّرِيقِ أَوْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِيهِ فَبَالَتْ مَثَلًا فَمَاتَ بِذَلِكَ مُورَثُهُ وَرِثَهُ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ مُخَرَّجٌ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ فِعْلُهُ لَمْ يَمْنَعْ إرْثَهُ وَمِمَّا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ أَوْ كَانَ مُتَعَدِّيًا فِيهِ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ حِفْظُهُ كَالسَّائِقِ وَالْقَائِدِ لَمْ يَرِثْهُ وَلَمَّا نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا قَالَ عَقِبَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ كُلَّ مُهْلِكٍ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِمَا ذُكِرَ فِي الدِّيَاتِ يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَقَالَ أَيْضًا عَقِبَ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْحَفْرِ الْعُدْوَانِ وَغَيْرِهِ إنَّهُ الصَّحِيحُ أَوْ الصَّوَابُ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِقَوْلِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِقَوْلِ الْمَطْلَبِ وَتَبِعَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا بِمِلْكِهِ أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فَمَاتَ بِهِ قَرِيبُهُ وَلَا تَفْرِيطَ مِنْ صَاحِبِ الْمِلْكِ أَنَّهُ يَرِثُهُ.
وَكَذَا إذَا وَقَعَ عَلَيْهِ حَائِطُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ اسْمًا وَلَا حُكْمًا انْتَهَى وَمِنْهَا مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ وَالشَّرْطُ هُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ حَتَّى الشَّيْخَانِ فَإِنَّهُمَا وَإِنْ اقْتَصَرَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ مَثَلًا لِاشْتِبَاهِ السَّبَبِ بِبَعْضِ صُوَرِ الشَّرْطِ كَالْحَفْرِ فَقَالَا أَوْ السَّبَبُ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا وَمِنْهَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي صُوَرِ الْحَفْرِ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرُوهُ فِي الدِّيَاتِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْعُدْوَانِ وَغَيْرِهِ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَضْمُونِ وَغَيْرِهِ مَحَلُّهُ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ دُونَ الشَّرْطِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُحَصِّلَةٌ لِلْقَتْلِ وَالسَّبَبُ لَهُ دَخْلٌ فِيهِ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ فِيهِمَا بَيْنَ الْمَضْمُونِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ لَا يُحَصِّلُهُ وَلَا يُؤَثِّرُ إذْ هُوَ مَا حَصَلَ التَّلَفُ عِنْدَهُ لَا بِهِ فَلِبُعْدِ إضَافَةِ الْقَتْلِ إلَيْهِ اُحْتِيجَ إلَى اشْتِرَاطِ التَّعَدِّي فِيهِ وَمِنْهَا مَا وَقَعَ فِي بَحْرِ الرُّويَانِيِّ أَمْسَكَهُ فَقَتَلَهُ آخَرُ وَرِثَهُ الْمُمْسِكُ لَا الْقَاتِلُ؛ لِأَنَّهُ الضَّامِنُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ جَزَمَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْفَرْضِيِّينَ بِخِلَافِهِ فَقَالَ لَا يَرِثُ الْمُمْسِكُ لِلْجَلَّادِ أَوْ غَيْرُهُ وَيُوَجَّهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْإِمْسَاكَ شَرْطٌ لَا سَبَبٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الشَّرْطِ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ تَعَدِّي فَاعِلِهِ لِضَعْفِهِ وَقَضِيَّةُ رِعَايَةِ ضَعْفِهِ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَقْطَعَهُ غَيْرُهُ كَمَا فِي الْمُمْسِكِ مَعَ الْحَازِّ لَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ وَأُنِيطَ الْأَمْرُ بِالْمُبَاشِرِ وَحْدَهُ لِاضْمِحْلَالِ فِعْلِ ذَلِكَ فِي جَنْبِ فِعْلِهِ وَمِنْهَا لَا يَرِثُ شُهُودُ التَّزْكِيَةِ وَلَا الْإِحْصَانِ سَوَاءٌ شَهِدُوا بِهِ قَبْلَ الزِّنَا أَوْ بَعْدَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْغُرْمِ عِنْدَ الرُّجُوعِ، ثُمَّ اُسْتُشْكِلَ مَا هُنَا بِأَنَّهُمْ بَعْدَ الرَّجْمِ لَوْ رَجَعُوا هُمْ وَشُهُودُ الزِّنَا غَرِمَ شُهُودُ الزِّنَا لَا الْإِحْصَانِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِشَهَادَتِهِمَا فِي الْقَتْلِ فَيُنَافِي مَا هُنَا أَنَّ لَهَا تَأْثِيرًا وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَلْحَظَ مُخْتَلِفٌ إذْ هُوَ هُنَا مُجَرَّدُ وُجُودِهِ فِي الْوَقْتِ، وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَإِنْ جَازَ أَوْ وَجَبَ، وَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ بِهِ حَسْمًا لِلْبَابِ وَلَا كَذَلِكَ، ثُمَّ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا هُنَا مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا بِنَظِيرِهِ فِي الضَّمَانِ وَأَثَّرَ فِيهِ أَنَّ الْقَتْلَ بَعْدَ الرُّجُوعِ إنَّمَا يُضَافُ لِشُهُودِ الزِّنَا لَا غَيْرُ فَتَأَمَّلْهُ وَمِنْهَا صَرَّحُوا فِي الرَّهْنِ فِي مَسَائِلَ أَنَّ الْمَيِّتَةَ بِالْوِلَادَةِ السَّبَبُ فِي مَوْتِهَا الْوَطْءُ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ أَحْبَلَهَا الرَّاهِنُ فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا هُوَ السَّبَبُ فِي هَلَاكِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ زَنَى بِأَمَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهَا فَمَاتَتْ بِإِحْبَالِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا قَطَعَ نِسْبَةَ الْوَلَدِ عَنْهُ انْقَطَعَ نِسْبَةُ الْوَطْءِ إلَيْهِ.
وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ الرَّاهِنُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ مِنْ وَطْئِهِ بَلْ لِعَارِضٍ آخَرَ وَلَا يَضْمَنُ زَوْجَتَهُ بِلَا خِلَافٍ لِتَوَلُّدِ هَلَاكِهَا مِنْ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهَا هُوَ وَطْؤُهُ وَنَازَعَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي إطْلَاقِهِمْ الْمَذْكُورِ فِي الزَّانِي بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ؛ لِأَنَّ إفْضَاءَ الْوَطْءِ إلَى الْإِتْلَافِ وَالْفَوَاتِ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ كَوْنِ السَّبَبِ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَرِثُ زَوْجَتَهُ الَّتِي أَحْبَلَهَا فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْوَطْءَ الَّذِي هُوَ فِعْلُهُ سَبَبٌ فِي الْهَلَاكِ بِوَاسِطَةِ الْإِحْبَالِ النَّاشِئِ عَنْهُ الْوِلَادَةُ النَّاشِئُ عَنْهَا الْمَوْتُ وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ مُهْلِكٍ آخَرَ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَنْ النَّظَرِ لِقَائِلِهِ حَيْثُ عَبَّرُوا عَنْهُ بِقَوْلِهِمْ، وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ الرَّاهِنُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَوْتَ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ رَأَيْت عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَرِثَ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ أَحَدًا لَا يَقْصِدُ الْقَتْلَ بِالْوَطْءِ فَلَا يُسَمَّى فَاعِلُهُ قَاتِلًا وَبِأَنَّهَا لَمْ تَمُتْ بِالْوَطْءِ الَّذِي هُوَ فِعْلُهُ بَلْ بِالْوِلَادَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ الْحَبَلِ النَّاشِئِ عَنْهُ فَهُوَ مَجَازٌ بَعِيدٌ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي اللَّفْظِ وَلَا فِي الْمَعْنَى وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كِلَا تَعْلِيلَيْهِ لَا يُنْتِجُ لَهُ مَا بَحَثَهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا تَسْمِيَتَهُ قَاتِلًا بَلْ أَنْ يَكُونَ لَهُ دَخْلٌ فِي الْقَتْلِ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ أَوْ شَرْطٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْوَطْءَ كَذَلِكَ بَلْ كَلَامُهُمْ الَّذِي فِي الرَّهْنِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ يُسَمَّى قَاتِلًا وَبِأَنَّ الْوَطْءَ يُفْضِي لِلْهَلَاكِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ مُهْلِكٍ.
وَبِأَنَّ الشَّارِعَ قَطَعَ نِسْبَةَ الْوَلَدِ لِلزَّانِي فَلَمْ يَضْمَنْ الْمَزْنِيَّ بِهَا وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي مَنْعِ مَالَهُ دَخْلٌ فِي الْقَتْلِ بَيْنَ الدَّاخِلِ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ كَتَزْكِيَةِ مُزَكِّي الشَّاهِدِ بِإِحْصَانِ الْمُورَثِ الزَّانِي فَتَأَمَّلْ بَعْدَ هَذَا الْمَدْخَلِ مَعَ مَنْعِهِ الْإِرْثِ فَبَطَلَ جَمِيعُ مَا وَجَّهَ بِهِ بَحْثَهُ الَّذِي أَفَادَهُ بِذِكْرِهِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ أَعْنِي بَحْثَهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ، وَوَجْهُ مُخَالَفَتِهِ لَهُ مَا قَرَّرْته، لَكِنْ صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الزَّوْجَ يَرِثُ جَاذِمًا بِهِ جَزَمَ الْمَذْهَبُ وَحِينَئِذٍ فَفِي جَرْيِهِ عَلَى قَوَاعِدِهِمْ دِقَّةٌ وَاَلَّذِي يَتَّضِحُ بِهِ جَرْيُهُ عَلَيْهَا أَنْ يُقَالَ لَا شَكَّ أَنَّ الْوَطْءَ مِنْ بَابِ التَّمَتُّعَاتِ وَهِيَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ لَا يُقْصَدَ بِهَا قَتْلٌ وَلَا يُنْسَبُ إلَيْهَا وَإِنَّمَا خَالَفُوهُ فِي الرَّهْنِ لِكَوْنِ الرَّاهِنِ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِهِ فِي الْمَرْهُونَةِ فَاقْتَضَى الِاحْتِيَاطَ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ مُنِعَ الرَّاهِنُ مِنْ الْوَطْءِ لِحُرْمَتِهِ وَنِسْبَةُ التَّفْوِيتِ إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ نِسْبَةِ الْوَلَدِ إلَيْهِ لِيَغْرَمَ الْبَدَلَ وَأَمَّا هُنَا فَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الشَّرْطِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُقْصَدُ بِهِ التَّفْوِيتُ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ التَّعَدِّي بِهِ لِبُعْدِ إضَافَةِ الْقَتْلِ إلَيْهِ فَمَا لَا تَعَدِّيَ بِهِ لَا يَمْنَعُ فَإِذَا كَانَ هَذَا لَا يَمْنَعُ فَأَوْلَى إذْ الشَّرْطُ مِنْ جِنْسِ مَا يُقْصَدُ وَلَا كَذَلِكَ الْوَطْءُ.
وَمِنْهَا اللِّعَانُ وَالشَّكُّ فِي النَّسَبِ فَلَوْ تَنَازَعَا مَجْهُولًا وَلَا حُجَّةَ فَإِنْ مَاتَا قَبْلَهُ وَقَفَ إلَى الْبَيَانِ مِنْ تَرِكَةِ كُلٍّ إرْثُ وَلَدٍ أَوْ عَكْسَهُ وُقِفَ مِنْ تَرِكَتِهِ إرْثُ أَبٍ وَسُئِلْت عَمَّنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ أَيْ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْ الزَّوْجِ وَوَاطِئِ الشُّبْهَةِ، وَقَدْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَمَاتَ قَبْلَ لُحُوقِهِ بِأَحَدِهِمَا وَلِأَحَدِهِمَا وَلَدَانِ مِنْ غَيْرِهَا فَهَلْ تَرِثُ السُّدُسَ أَوْ الثُّلُثَ فَأَجَبْت أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهَا تَأْخُذُ السُّدُسَ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَيُوقَفُ السُّدُسُ الْآخَرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ إلَى الْبَيَانِ لِلشَّكِّ فِي مُسْتَحِقِّهِ مَعَ احْتِمَالِ ظُهُورِهِ لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا فَلَا مُقْتَضِي يَقِينًا لِأَخْذِهَا لَهُ، ثُمَّ رَأَيْت شَارِحًا حَكَى فِيهَا وَجْهَيْنِ وَقَالَ أَصَحُّهُمَا السُّدُسُ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَوْ شَكَّ فِي وُجُودِ أَخَوَيْنِ فَهَلْ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ أَوْ السُّدُسُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي. اهـ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَبَ) أَيْ الْقَتْلُ وَقَوْلُهُ مِنْ مَقْتُولِهِ صِلَةُ يَرِثُ.
(قَوْلُهُ وَيَرُدُّهُ أَنَّ الْمَعْنَى إذَا لَمْ يَنْضَبِطْ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ، وَقَدْ يُقَالُ كَوْنُ الْقَتْلِ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ أَمْرٌ مُنْضَبِطٌ لَا تَفَاوُتَ فِيهِ وَقَوْلُهُ كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ إنْ كَانَ مِثَالًا لِلْوَصْفِ الْأَعَمِّ الْمُنْضَبِطِ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا انْضِبَاطَ لِلْمَشَقَّةِ بَلْ الْمَنَاطُ وَصْفُ السَّفَرِ وَأَيْضًا فَمَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي لَمْ يَنْضَبِطْ حَتَّى عَدَلْنَا عَنْهُ إلَى هَذَا إنْ كَانَ السَّفَرُ فَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ السَّفَرُ أَضْبَطُ مِنْ الْمَشَقَّةِ أَوْ غَيْرُهُ فَمَا هُوَ وَإِنْ كَانَ مِثَالًا لِلْمَعْنَى الَّذِي لَمْ يَنْضَبِطْ الْمَعْدُولُ عَنْهُ فَوَاضِحٌ إذْ لَيْسَ لَهَا انْضِبَاطٌ غَالِبًا وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلَا حَاجَةَ لِبَيَانِ عَدَمِ انْضِبَاطِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَرُدَّ إلَخْ) الْمُصَنِّفُ أَرَادَ الضَّمَانَ الْمُسْتَقَرَّ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ فَلَا رَدَّ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ إلَخْ) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قَتَلَهُ بِالْحَالِ أَوْ بِعَيْنِهِ فَيَرِثُ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ) فَرْعٌ سَقَاهُ دَوَاءً فَإِنْ كَانَ عَارِفًا وَرِثَهُ أَوْ غَيْرَ عَارِفٍ لَمْ يَرِثْهُ م ر كَذَا فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَفِي شَرْحِ تَحْرِيرِ الْكِفَايَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ إطْلَاقُ عَدِّ سَقْيِ الدَّوَاءِ مِنْ الْمَوَانِعِ وَهُوَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ قَاعِدَةُ الْبَابِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ غَيْرُ مَلْحُوظٍ هُنَا وَأَمَّا التَّفْصِيلُ فَإِنَّمَا يُنَاسِبُ حُكْمَ التَّضْمِينِ عَلَى أَنَّهُ فِي النِّهَايَةِ قَبِيلَ مَبْحَثِ الْخِتَانِ مَشَى عَلَى ضَمَانِ الطَّبِيبِ وَالْمُتَطَبِّبِ وَإِنْ مَشَى غَيْرُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ بَيْنَ الطَّبِيبِ الْحَاذِقِ فَلَا يَضْمَنُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَيَضْمَنُ. اهـ. أَقُولُ وَكَذَلِكَ أَطْلَقَ ابْنُ الْجَمَّالِ كَوْنَ سَقْيِ الدَّوَاءِ مَانِعًا عِبَارَتُهُ وَمِنْهَا إذَا سَقَى الْوَارِثُ مُورَثَهُ الدَّوَاءَ أَوْ بَطَّ جُرْحَهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَالَجَةِ إذَا أَفْضَى إلَى الْمَوْتِ. اهـ. وَكَذَلِكَ أَطْلَقَهُ شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ سَقْيُهُ دَوَاءً أَفْضَى إلَى مَوْتِهِ كَمَا فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ. اهـ.

(قَوْلُهُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ كَانَ قَتْلُهُ بِحَقٍّ لِنَحْوِ قَوَدٍ أَوْ دَفْعِ صَائِلٍ سَوَاءٌ كَانَ بِسَبَبٍ أَمْ بِشَرْطٍ أَمْ مُبَاشَرَةٍ وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ حَاكِمًا أَوْ شَاهِدًا أَوْ مُزَكِّيًا. اهـ. فَالْقَاتِلُ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ.